أنا و محمود درويش . . . لـ:سفيان بوزيد

Publié le 1 Avril 2014

سيطلع من عتمتي قمر ( محمود درويش

سيطلع من عتمتي قمر ( محمود درويش

..وحين أحدّق فيك

أرى مدنا ضائعة

أرى زمنا قرمزيا

أرى سبب الموت و الكبرياء

أرى لغة لم تسجل

و آلهة تترجل

درويش ، قصيد : قراءة في وجه حبيبتي

جمعني منذ قليل و انا في طريق العودة الى بيتي الكائن على بحر اللوزة و المطلة شرفته على المنطقة الأثريّة اكولا الواقفة امام عسف الدولة بفسيفسائيّتها ، بمنازل القناصلة ، بحمامتها ،بمسارحها ، بتاريخها الروماني التليّد ، الأستاذ محمود درويش و الذي وجدته يقتني تبغا لغليونه الذي يظهر انّه مبتهج بتحوله من السيجارة الى الغليون ... صحت له يا رجل .. لا شيء يعجبني ! فأبتسم و هو يحاول ان يتمعن فيّ عامدا تقريب بلور نظارته الى عينيه ، آه هو انت ! كيف حالك يا رجل !اذن قلت لي لا شيء يعجبك ، اجبته بنبرة من الحدة نعم يا شاعر السماء و الحبّ لاشيء يعجبني ... لقَدْ رحلتَ و تركتَ عالما مجنوناَ من حولناَ ! قلت هذا ليس حديثا وقُفا امتطي معي حصاني الذي لن اتركه وحيدا يا درويش و سنتحدث في بيتي ...

كان درويش يقلب اسطوانات فيروز تارة ، لعبير نصراوي و سعاد ماسي تارة اخرى ، احيانا يتحول الى اسطوانات الشاب طه ، و لارا فابيان ، واديث بياف ، و لكنّه توقف فجأة عند اسطوانة الموسيقار العظيم "ياني" و توجّه اليّ قائلا : يا رجل اين وجدت هذه الاسطوانة ! لم اجدها في السماء وهاهي لكَ الآن ، اجبته مازحا أهددني إياها التي انتظرتها طويلا ، وضعها في المسجّل و واصل مسيرته يتأملّ جدراني الفوضيّة ، العبقة بالفنّ و برائحة العنبر و الدخّان ، عيناه مشدوهتان الى تلك الحيوط ، لخصت تاريخ وسيطا و حديثا و معاصرا ، و فلسفات التناقض في التكامل من بينها ، توقف امام صورة نيتشه و ابتسم موجها اليه خطابه الرقيق : كم احبّك ايّها الالمانيّ المجنون ، لوْ لمْ تكنْ فيلسوفي لمَا كنتُ ضمير القضيّة و الإنسان ، انحنى امامه و لم ينس ان يودعّه : نيتشه ، حبيبتك سالومين التيّ قبلت الارض تحت قدمها هي الآن منبوذة في العليّ ... و انت الخالدُ يا ابا شنب ! .. اشعل غليونه و استنشق دخانه بحلاوة المرارة ، شاهد اعلاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، صورا لليلى خالد ، لجورج حبش ، لكتائب ابو علي مصطفى –النسر الأحمر- ، لوحة مشهورة لغسانّ كنفاني و هو يدخّن و يكتب بالدم لفلسطين في مكتبه بمجلة "الهدف" ...التفت الى صورة لينين و القى له تحيّة الغوار ابدا و توجه له بقليل من اليأس : كم نحن اليكَ باحتياج يا اب الثورة ، المارون على الكلمات العابرة ، لم يأخذوا حصتهم من دمنا و يرحلوا ... على عادة الشعراء ، فقد نزع قبعته ، و مدّ قلمه من جيبه ، وحيّى الكاتبة الكبيرة غادة السماّن و وضع امامها قلمه ، أحبّكَ يا حبيبة غسّان كنفاني ، أحبّك ايتها العاشقة من الوريد الى الوريد ... كنت اتشوق الى محادثته ، الى اخباره ، الى بحره ، الى ثراه و نضاله ، الى كتابته و رقصه ، الى انثاه التي كانت له مركزا و موطن لهُ ايضا ، اشتاقه لفلسطين ، ... درويش على عكسِهِ اليومِ حدثنّي عن انّي وريثه الشرعي ، ليسَ في شخصي بل في طاقة شبابيّة هائلة كامنة تحت بركانناَ ، دعاني الى بوصلة التمرد ، و الحبّ ابدا ...

في هذه الاثناء ، قاطعتنا حبيبتي و هي تقدمّ لنا كوبين من القهوة الساخنة و تفاجأت ايما تفاجئ عندما شاهدت درويش ، ترقرق الدمع شوقا له على خدّهيها البيضاوين ، ناظرة نحوه و هي لزالت على بقيّتها مندهشة من حضوره ، قلت لمحمود درويش : اسمع يا سيّد لا تتغزّل بحبيبتي ، اتفقنا ! ابتسم و التفت نحوها شاعرا : "القهوة تأملّ و تغلغل في النفس و الذكريات " ... قدمتّ له القهوة ثم عانقته و هي بلباس نوع ما شفاف ، و تغلب عليها الاثارة هذا المساء ، فككتُهاَ منهُ فقال ضاحكا : هلْ تغار عليها منّي يا رجل ! فتوجّه اليها شاعرا من جديدا " و إنّي أحبّك حتّى التعب " اردفها بقهقهة ساخرة ... قُلْتٌ له : "تبّا لك يا عاشق النساء ، الله لم يستطع ان يخطفها منّي ، فقدْ خلقتْ جيهانُ واحدة في هذا العالمِ و هي لِي ن فلاَ تحاولْ !.. قال اسمع يا بنّي ، انا كتبتٌ لاجلكمِ انتمْ العاشقونُ ، لا أذكرُ ان عقلِي يومَا ما كتبَ ، لأن ّ شعري رسِمَ بأهازيج القلب ، من شرايني سطرت الريمّ ، فأنا من اولئكَ ممن يموتون حين يحبوّن ... فلا تتركَ حبيبتكَ حتّى لا يكون ليلكَ كئيباَ حين تفقد فيه شيئا تعودتّ عليه

Rédigé par bouzid soufiene

Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :